الأحمر يملأ الشاشات

جلستُ في الغرفة ذاتها منذ العصر رافعاً كفيّ إلى السماء ، وقلبي معلّق ببابٍ ربما يُفتح . كان يوم عرفة، والساعة تمضي ببطءٍ يناسب دعائي ، حاولت أن أقول شيئًا… بما تبقى منّي. في الخارج كان صوت التلفاز يتسلل من بيت الجيران والمعلّق يصرخ بشغفٍ ، قريبٌ يحتفل ، يضحك حتى يكاد يسقط، يقفز ، يهتف باعلى صوت، واخر يصبغ وجهه باللون الأحمر . عَلَمتُ أن الفريق فاز . في اللحظة نفسها، كانت شاشة هاتفي تحمل صورةً أخرى ، جارًا في الوجع، يسكن ركامًا على مقربة من حدودنا ، أيدٍ كثيرة، صغيرة، تتزاحم على كيس طحين مبلل بلون غريب، لا هو ماء ولا هو تراب. قلت لنفسي : أهي مصادفة أن نحتفل بالأحمر… ونموت به؟ كان التناقض وقحًا… من يئنّ لا يجد من يسمعه، ومن يرقص لا يريد أن يُقاطع . بالضبط كما لو أن أحدهم قرر أن يصنع لهذه الأمة لهاية، كبيرة بما يكفي لتسكت بكاءها صار الأحمر رمزًا للفوز… لا للمقاومة ، وصار الطحين الأحمر صورة لا تثير الغضب. الأحمر… لا يُفسَّر. لكنّه حين يملأ الشاشات، نعرف أننا خسرنا شيئًا آخر غير المباراة. وحين نطقتُ بما في قلبي، شعرت بأنني الغريب ابن العم ضحك، والجار هلّل والصديق قال: “لا تُعكر الأجواء.” كأنني أفسدت عليهم لذّة الفرح، لكني أحاول ألا أنسى أني ما زلتُ إنسانًا ، و أردت فقط أن أقول: الأحمر لا لون له… إلا حين يُمزَج بالكرامة

6/5/20251 min read



جلستُ في الغرفة ذاتها منذ العصر رافعاً كفيّ إلى السماء ، وقلبي معلّق ببابٍ ربما يُفتح .

كان يوم عرفة، والساعة تمضي ببطءٍ يناسب دعائي
، حاولت أن أقول شيئًا… بما تبقى منّي.

في الخارج كان صوت التلفاز يتسلل من بيت الجيران والمعلّق يصرخ بشغفٍ ، قريبٌ يحتفل ، يضحك حتى يكاد يسقط، يقفز ، يهتف باعلى صوت، واخر يصبغ وجهه باللون الأحمر .
عَلَمتُ أن الفريق فاز .

في اللحظة نفسها، كانت شاشة هاتفي تحمل صورةً أخرى ، جارًا في الوجع، يسكن ركامًا على مقربة من حدودنا ، أيدٍ كثيرة، صغيرة، تتزاحم على كيس طحين مبلل بلون غريب، لا هو ماء ولا هو تراب.

قلت لنفسي : أهي مصادفة أن نحتفل بالأحمر… ونموت به؟

كان التناقض وقحًا… من يئنّ لا يجد من يسمعه، ومن يرقص لا يريد أن يُقاطع . بالضبط كما لو أن أحدهم قرر أن يصنع لهذه الأمة لهاية، كبيرة بما يكفي لتسكت بكاءها

صار الأحمر رمزًا للفوز… لا للمقاومة ، وصار الطحين الأحمر صورة لا تثير الغضب.
الأحمر… لا يُفسَّر.
لكنّه حين يملأ الشاشات، نعرف أننا خسرنا شيئًا آخر غير المباراة.

وحين نطقتُ بما في قلبي، شعرت بأنني الغريب
ابن العم ضحك، والجار هلّل والصديق قال:
“لا تُعكر الأجواء.”

كأنني أفسدت عليهم لذّة الفرح، لكني أحاول ألا أنسى أني ما زلتُ إنسانًا ، و أردت فقط أن أقول:
الأحمر لا لون له… إلا حين يُمزَج بالكرامة